[الفقير وبخار الماء
عثر رجل فقير ، على كسرة خبز يابسة في الطريق، وكان يشعر بالجوع الشديد ، فأخذها وقضم منها قضمة، فلم يقبل طعمها . وتمنى لو وبينما هو كذلك ، إذ مر بدكان يجد شيئا يغمس فيه كسرة الخبز.
طباخ ، فوقف ينظر الى حلل الطعام وهى تغلى على النار ، وتتصاعد منها روائح اللحم والبصل والتوابل ، وهى ألان اذكى عنده من روائح المسك والعنبر . وقف الرجل الفقير أمام دكان الطباخ ، وفى يده كسرة الخبز اليابسة ، يتشمم روائح الطعام في لهفة . والطباخ ينظر إليه . ولا يعطف قلبه عليه
شيئا فشيئا تقدم الرجل حتى قرب من حلل الطعام ، وراح يقطع الخبز لقمة لقمة ، ويعرضها للبخار المتصاعد من الحلل ، ثم يأكلها .
عجب الطباخ من أمر هذا الزبون ، ومن ذلك النوع من الطعام ، وتمنى أن يكون كل زبائنه مثل هذا الزبون.
بعد أن فرغ الرجل الفقير من أكل كسرة الخبز اليابسة، تحول لينصرف ، ولكن الطباخ تعلق به ، وطلب منه ثمن ما أكله.
قال الرجل الفقير انه لم يأكل شيئا ، وإنما اكتفى برائحة البخار المتصاعد من حلل الطعام . ولكن الطباخ رفض أن يخلى سبيله . وتجمع الناس حولهما ، وحاولوا أن يتوسطوا بينهما دون فائدة . وأخيرا قال رجل منهم : لن يفصل بينكما في هذه القضية ، إلا قاضى ال
اقنع الطباخ بقول الرجل ، وقال للرجل الفقير : هيا بنا الى القاضي ليحكم بيننا، وسوف ترى أن الحق معى .
ولم يمانع الرجل الفقير ، وذهب معه الى القاضي .وكان يشغل منصب القاضي في ذلك الوقت جحا . وقد اشتهر جحا بالعدل في أحكامه ، وفي حل مشاكل الناس بالحسنى مما اكسبه حب الناس . دخل الطباخ والرجل الفقير على القاضي جحا ، وراح كل منهما يقص عليه قصته . وجحا يصغى الى كل منهما ، وهو يبتسم .
ثم قال للرجل الفقير : إن من حق الطباخ أن يطالب بثمن البخار المتصاعد من حلل الطعام . فاندهش الرجل الفقير من كلام القاضي ، بينما تبسم الطباخ ضاحكا.
قال جحا : سنرد للطباخ ثمن البخار المتصاعد من حلل الطعام بنفس طريقته . ثم اخرج جحا من كيسه بضعة دراهم ، وقال للطباخ : اقترب يا هذا لتأخذ حقك من الثمن .
مد الطباخ يده ليتناول الدراهم من جحا . ولكن جحا ضحك وقال للطباخ : بل اعطنى أذنك . وراح جحا يرن الدراهم بالقرب من أذن الطباخ ، والفقير يتعجب ، والطباخ مدهوش .
قال جحا للطباخ : ها أنت ذا قد أخذت رنين الدراهم ، كما اخذ الفقير منك بخار الطعام ، وهكذا يكون حقك قد وصل إليك . ثم ناول جحا الدراهم للفقير وقال له : خذ هذه الدراهم هدية منى إليك